» 2025 » أضواء على الوصية السياسية للإمام الخميني (ره)
2025 - الملتقى الأسبوعي - الملتقی الأسبوعي

أضواء على الوصية السياسية للإمام الخميني (ره)

11 يونيو, 2025 60244

أضواء على الوصية السياسية للإمام الخميني (ره)

بمشاركة:سماحة الشيخ مصطفى الأنصاري.

التغطية المصورة:

التغطية الصوتية:

 

التغطية المكتوبة:

 

استضاف منتدى السيدة المعصومة الثقافي بمدينة قم المقدسة ضمن برنامج الملتقى الأسبوعي سماحة الشيخ مصطفى الأنصاري بتاريخ 15 مايو 2025 في ندوة حوارية تحت عنوان أضواء على الوصية السياسية للإمام الخميني (ره)، وهنا تلخيص لأهم ما تفضل به سماحته

 

سماحة الشيخ مصطفى الأنصاري (حفظه الله) – الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.

المقدمة:
أشكر الأخوة القائمين على هذا المنتدى المبارك لهذه الدعوة وإتاحة هذه الفرصة، فرصة اللقاء بهذه الوجوه الكريمة المؤمنة، هذه الوجوه التي آمنت بخط الإسلام المحمدي الأصيل، إسلام القيام، كما قال الله سبحانه وتعالى:
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رَسُولَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ
فإسلام القيام هو إسلام الثورة، لذلك أوصى الله المؤمنين:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ
هذا هو الإسلام، إسلام الثورة، إسلام العمل على إقامة حكم الله عز وجل في الأرض.

آمنت به مجموعة وعملت، ومجموعة لم تؤمن، وإتاحت فرصة اللقاء بهذه الوجوه الكريمة بحد ذاتها نعمة وفضل إلهي كبير.
عندما نتوقف مع الوصية السياسية الإلهية للإمام الخميني (قدس الله نفسه) نجد أنها وصية واسعة جداً وتعتبر خارطة طريق للحفاظ على هذه المنى الإلهية كما يذكر هو (رضوان الله عليه) في وصيته:
“هذه الدولة هي منى إلهية من الله سبحانه وتعالى منى بها على المؤمنين.”

والمتأمل بجريات الأحداث وبحركة العصر يعرف عظمة هذه المنى وعظمة هذه الثورة وعظمة هذه الدولة.

اليوم، عندما نعيش هذه الأحداث، نقول للأخوة إن هذا الوجه الذي أظهرته إسرائيل في هذه الأيام، ما تفعله في غزة ولبنان وسوريا، هو الوجه الحقيقي لإسرائيل الذي أظهرته في السبعينيات والثمانينيات بعد النكسة والهزيمة. أظهرته في لبنان وسوريا وبنفس الترتيب الذي أوقف إسرائيل عند حدها وأخر مشروع إسرائيل الكبرى، وأجبرها على التحصن خلف جدران خرسانية لمدة 45 عاماً. هذه الثورة وهذه الدولة هي التي أوقفت إسرائيل عن التمدد لمدة 45 سنة.

الإنسان الذي يتابع مجريات الأحداث يعرف عظمة وبركة هذه الدولة التي شاء الله أن يقيمها على يد عبد صالح، عبد صالح حقاً، هو الإمام الخميني (رضوان الله عليه).

في هذه الوصية السياسية الإلهية، تطرق الإمام إلى كثير من النقاط، ولا يمكن للإنسان بجلسة واحدة أن يغطي كل هذه النقاط، لكن هناك مجموعة من الأمور اللطيفة التي تطرق إليها الإمام بدايةً، حيث يبدأ بالإشارة إلى العترة والقرآن.

التركيز على العترة والقرآن:
من اللطيف أنه يبدأ بالحديث عن العترة، قضية ما جرى عليها، ثم يتكلم عن القرآن ومهجورية القرآن وابتعاد الأمة عنه، مع أن المعروف أن القرآن هو الثقل الأكبر والعترة الثقل الأصغر كما في الروايات. لكن هنا إشارة إلى نكتة معرفية عميقة في عالم المقامات الوجودية العليا وتجلياتها، كما عبر أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله:
“هذا القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق.”
بهذا المعنى، يكون أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أصل، والقرآن الكريم تجل من تجلياتهم.

رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتكلم بلحاظ نظام الشريعة، لكن إذا رجعنا إلى نظام التكوين والوجود، فإن محمد (صلى الله عليه وآله) هو أول ما صدر عن الحق سبحانه، ونحن نؤمن أن القرآن مخلوق، وبما أنه مخلوق فهو متأخر رتبة عن خلق النور الأول الذي هو نور الخاتم (صلى الله عليه وآله)، والقرآن نزل بوساطة الفيض الذي هو الخاتم.

من هنا مظلومية العترة أعظم من مظلومية القرآن، والإمام الخميني (قدس الله نفسه) تحدث عن هذه المظلومية في سياق إقامة الحق والعدل، لأن الله أنزل القرآن ليقوم الناس بالقسط.

القرآن في الحياة العملية:
نحن نحافظ على القرآن في القراءة والتجويد، لكن القرآن يضيع في حياتنا العملية على مستوى الحدود والتطبيق. الإمام الباقر (عليه السلام) يقول:
وكان من تضيعهم الكتاب أن حفظوا حروفه وضلوا حدوده.
إذا لم يكن القرآن قائمًا في حياتك فهذا معناه ضياع القرآن.

الإمام الخميني في وصيته يذكر قضية الطباعة الفاخرة للقرآن، التي قد تعتبر تكريماً، لكنه يقول إنها نوع من التضليل وإبعاد الأمة عن روح القرآن.

رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة سيحاسبنا قائلاً:
“إن هؤلاء قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً.”
وهناك تفسيران: القرآن الناطق والقرآن الصامت، وكلاهما واحد.

إذا هجرت القرآن تطبيقاً وحدوداً، فهذا يعني أنك هجرت القرآن، وإذا هجرت العترة فأنت أيضاً هجرت القرآن.

الإمام في وصيته أكد على التمسك بالكتاب والعترة، تمسكًا كما أراده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وليس كما نراه اليوم على مستوى القراءة أو التجويد فقط، بل على مستوى الواقع المتردي الذي تعيشه الأمة.

واقع الأمة:
اليوم الأمة الإسلامية هي أذل الأمم وأكثرها تعاسة، وأين العزة لله ولرسوله وللمؤمنين؟
كل هذه التوجيهات القرآنية مثل “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة” تُهدر حتى في أوساطنا الشيعية، حيث تحولت “التقية” من مجرد تكليف ثانوي إلى منهج حياة.

التقية أصبحت عذرًا لإهمال الأمر الأصلي:
إلا تتقوا منهم تُقاتلوا هو التكليف الأصلي.
لكن التقية أصبحت عذرًا للتراخي والضعف، وأصبحت منهج حياة لا استراتيجية قوة.

منهج الحياة الحقيقية:
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ
هذه هي منهجية الحياة الحقيقية، الثورة، الجهاد، الكرامة، والرفض التام لطاعة اللئام على مصارع الكرام.

الافتخار بالتراث:
الإمام الخميني (قدس الله نفسه) أكد على ضرورة الفخر بالتراث، مثل نهج البلاغة والقرآن وأصول الكافي، هذا التراث هو مفخرنا.

هذا يختلف عن خطاب الحرب الناعمة التي تقول إن التراث هو منشأ التخلف، وأن التقدم يتطلب هجر التراث.

نحن نقرأ التراث بوعي حداثي، وهذا ليس قراءة صحيحة، لأن التفسير الحقيقي هو تفسير التطبيق وليس تطبيق القناعات الحديثة على القرآن.

هناك فرق بين حاكمية الزمان على الدين، وبين حاكمية الدين على الزمان.
اليوم نحكم الزمان على الدين ونريد أن يتطور الدين مع تطور الزمان، بينما المفروض أن الدين يحكم الزمان ويحدد حركته.

الإمام يوضح أن الدين لا مشكلة له مع التكنولوجيا، بل المشكلة مع منظومة القيم الغربية التي ترفضها.

الغرب يكره المثلية الجنسية، الإلحاد، تفكيك الأسرة، وهذه القيم هي العدو الحقيقي، وليس مجرد التقنية أو الأجهزة.

بعض العلماء يحاولون إدخال المواثيق الدولية مثل سيداو في مصادر الاستنباط الفقهي، وهذا موقف الإمام الخميني الرافض له، ويؤكد على الالتزام بالفقه التقليدي.

الدولة الإسلامية رغم كل التحديات والنجاحات، لا تزال تواجه اتهامات بالرجعية والتخلف، وهذا من لعبة الاتهامات التي تهدف إلى إضعاف الهوية.

الختام:
نحن نعتز بهويتنا ونعرف قيمنا، ونحن أصحاب رسالة وهُوية وسط هذا العالم المضطرب، ونحافظ على هذا التراث ونواجه كل محاولات تقويضه.

 

قیم هذا المقال!

اترك تعليقاً

  • ×