الإسلام المحمدي الأصيل “ملامح في البعد المعنوي في نهج الإمام الخميني”
موسم (الإسلام المحمدي الأصيل)
تحت عنوان: “ملامح في البعد المعنوي في نهج الإمام الخميني”
بمشاركة: سماحة الشيخ عادل الشعلة (حفظه الله)
التغطية المصورة:
التغطية الصوتية:
التغطية المكتوبة:
- العنوان: ملامح من البعد المعنوي في نهج الإمام الخميني (الإسلام المحمدي الأصيل)
- الزمان: 27 نوفمبر 2019 مـ، الموافق 1 ربيع الثانية 1441 هـ .
- المتحدث: سماحة الشيخ عادل الشعلة.
- المكان: منتدى السيدة المعصومة (عليها السلام) الثقافي – قم المقدسة
بسم الله الرحمن الرحيم.
وصلى الله على محمد وآل محمد
بداية: قَبولُ المشاركةِ كان في وقت ضيق والموضوع يرتبط بمنهج وشخصية مما يعني ضرورة التتبع لتكون الرؤية والنسبة دقيقة وصحيحة، ولذا نظراً لضيق الوقت حبذا لو يُغيّر العنوان إلى “ملامح من البعد المعنوي في منهج الإمام” أو البعد الروحي في نهج الإمام + ونحتاج أيضا إلى استقراء… وكيف ما كان،
ماذا نقصد بالبعد الروحي؟
بقراءة سريعة في كلمات الإمام الخميني رصدت هذه الكلمة: “الدين الإسلامي ليس مجرد دين عبادي يقتصر على العلاقة بين الإنسان وخالقه، فهو ليس وظيفة روحانيّة فقط كما أنه ليس دينا سياسيا فقط بل عبادي وسياسي”.
هنا يمكن أن يتصيد من هذه الكلمة تعريف للبعد الروحي بأنه علاقة العبد بربه، لا أرغب أن أدخل في كثير من التفصيل في هذا النص ولكن يكفي أن أشير إلى هذا المعنى حتى يكون هو مسار الحديث في نهج الإمام، نتكلم عن البعد الروحي، ولا نتكلم عن مجرد تلاوة القرآن والدعاء ووو هذه الأمور تُشكّل وسائل في البعد الروحي، البعد الروحي هو تلك العلاقة، هو ذلك الوصال، هو ذلك الارتباط.
هنا أرغب أن أشير إلى بعض أسس البناء الروحي في بعض كلمات الامام +.
ملامح البعد الروحي
الأول: الإيمان بالله عز وجل
الامام + ماذا يقول؟ الإيمان يعني أن تعي قلوبكم وتصدق تلك الأمور التي أدركتها عقولكم، لو جئتَ لي ولغيري وللكثيرين وسألت: أتؤمن بالله؟ لقلنا لك: نعم نؤمن بالله، ولكن في لحظة الغضب أو في لحظة الإنفعال أو في لحظة النقاش ليس من مشكلة أن أسقّط الآخر ولا أنتبه إلى استغابة الآخر، وربما الآن في الخلوة أنظر إلى بعض المحرمات، هناك عقل يعي ولكن لم تصل الحقائق إلى القلب بحيث يتغلغل في كل مفاصل حياتي، طبعًا يقول الإمام: إن القلوب تحتاج إلى مجاهدة حتى تعي أنها في محضر الله، هذا هو الوعي، لذا من الكلمات الرائعة للإمام + بالفارسية: عالم محضر خداست، ودر محضر خداست معصيت نكنيد، يعني: العالم هو محضر الله فلا تعصوا الله في محضره، هذا الوعي هو البعد الروحي، هذا الحضور هو البعد المعنوي الذي يريده الإمام، هذا هو العنوان، وحتى لا أطيل اختزل العناوين بشكل سريع.
الثاني: توحيد الله عز وجل
كلنا نقول “لا إله إلا الله” ولكن حركة التوحيد كيف تتحرك في حياة الإنسان الفردية والأسرية والاجتماعيّة والسياسيّة؟ هنا للتوحيد حركة وحياة في قلب الإنسان، أريد أن أخرج قليلا من هذا الإطار بمثال لفتني عند الإمام وهو يخاطب ابنه السيد أحمد : بني أرى أنك تظهر الانزعاج والقلق أحيانًا من التهم الباطلة والشائعات الكاذبة ولذا وجب أن أقول أولاً (وإن كانت روحية السيد أحمد عالية في الواقع لم تكن شخصية عادية في لحاظاتها المعنوية الشيء بالشيء يذكر: في بعض وصايا الإمام + كان يدافع عن ابنه ولذا يعتذر منه قبل ذلك، ثم يقول له: هذا كله في سبيل الإسلام، لا تدافع عن نفسك، ولكن أنا أريد أن أقرّ بأن السيد أحمد لم يتحرك إلا بإذني، ولذا كان يتقبل هذا المعنى، الإنسان على كل حال قد يمر بحالات ضعف، بمجرد أن تسمع شيئًا تنزعج ولذا أقول بأنك ما دمت حياً ترزق ستسمع مثل هذا الكلام.
خلاصة الكلام أن الإنسان ما دام يعمل ويتصدى لن يتركه الحساد، كثر المغرضون أو كثر المحبون، أحيانا قد يسيؤون من حيث لا يشعرون، كلمة الإمام في هذا الصدد رائعة حيث يقول: كما يجب أن تعلم ثانياً أن الإيمان بوحدة الإله ووحدة المعبود ووحدة المؤثر، هذه كلها مفردات التوحيد لم تلج قلبك كما ينبغي، من يرى ألا مؤثر في الوجود إلا الله يعني من كان موحداً وفعلاً تشرب قلبه بهذا التوحيد لن يؤثر عليه مدح الخلق أو ذم الخلق، أحيانا نحن نبذل جهدا حتى نقنع فلانا ونقنع علانا حتى يبقى في توجهنا بينما القلب ليس في يد صاحبه فما بالك بقلوب الآخرين، لا يمكن لأحد أن يسيطرعلى قلوب الآخرين، ولذا هي بيد الله (.
إذا كان المُوّحد في كل حركاته لا يرى مؤثراً في الوجود غير الله حتى في حركة الصراع مع الطاغوت، نعم ممكن للطاغوت أن يضع الحبل حول العنق ولكن الروح تخرج أو لا تخرج هي ليست بإرادة أحد إذا لم يحن وقتها، الله ( هو مسبب الأسباب، هذا المعنى كلما تغلغل في حركة الإنسان كانت نفسه مطمئنة مهما كانت التحديات، مهما كانت المواجهات، مهما كانت الظروف، على كل حال هذا المعنى يُغيّر الكثير من المعادلات، لاحظوا إن قرأتم كلمات الإمام (رحمة الله عليه) تجد حالة الاعتقاد لها أثر في التغيير، إن الإنسان إذا كان مطمئناً وواثقاً بالله ( فإنه سيحقق ما يطلبه، أحياناً نحن ندخل في صراع مع الطاغوت مثلاً ولكن لا يحضرنا الله ( ، نعتمد على قوتنا وأحياناً نيأس ونُحبط اعتماداًعلى قوتنا ثم النتيجة هي الفشل؛ لأن كلمة التوحيد لم تتعمق في قلوبنا ولم نعيها في حقيقتها، ولذا نتكلم عن البعد الروحي يعني أن كلمة التوحيد قد أخذت مأخذها وتتحرك في كل حياة الإنسان الذاتيّة والأسريّة والجهاديّة والسياسيّة وفي مختلف الأنحاء.
والحاصل أن هذه الأبعاد ينبغي أن تعيش في قلوبنا أو نحييها ونُؤصّلها حتى تنعكس على مفردات الحياة بلا تصنع، هذه المسائل في الواقع لن يذهب أحدُنا الى السوق ويشتريها، ولن يتمكن أحدنا من تحقيقها بقراءة جامع السعادات مثلا رغم عظمته وقيمته، هذه الفيوضات وهذه الرؤية التوحيدية الرؤية الإيمانية هي عطاءات، على الإنسان أن يزيح الستار فينفد نور الشمس إلى قلب الإنسان، ولذا مطلوب من الإنسان فقط أن يزيح الستار حتى تنزل هذه الفيوضات وبحسبها وفي مكانها.
الثالث: الإخلاص لله
الإمام يوصي دائماً: لا تتهالك من أجل الحصول على مقام لا مقام دنيوي ولا أخروي، (قل الله ثم ذرهم) وهي حالة من الاتصال، وحالة من الوصال، لاحظ – أحياناً – الإنسان إذا كان عنده حبيب ولم يره منذ فترة طويلة أو يتحدث معه فلو أراد طرف آخر يدخل على الخط يريد أن يقطع الحديث لما سمحا له بذلك، ولذا أكبر التحديات التي تواجه المؤمن هو أن يكون عمله خالصاً، جهاده خالصاً، رؤيته خالصة، حركته خالصة، وإلا لن ينفعه شيء، ربما يحصل الإنسان على موقع وربما إلى التفاف ولكن يبقى قوله تعالى (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) لن ينفع شيء إلا العمل الخالص في ذلك العالم ولذا المؤمن يسعى بقدر الإمكان لضبط ميزان حركته، وعند الإمام + الميزان هي الدوافع، دافع الإنسان هو الميزان، ولذا الآن فعلاً في حركتي هذه هل أتقرب الى الله ؟ عملي خالص لوجه الله؟
ولذا الإنسان المُخلِص ليس لديه أيّة مشكلة مع الآخرين، قد يكون الآخرون لديهم مشكلة ولكن هو دائماً ليس لديه مشكلة لأنه يتعاطى مع الله ( حتى إذا آذوه ربما حتى إذا تكلموا عليه، ولذلك من الكلمات الجميلة للإمام + كما أتخطرها في وصيته للسيد أحمد: إذا رأيت أحداً يتكلم عليك وزاد النقد عليك فاعلم أنه من المحب، الإنسان يعيد حساباته، فقد يغفل وقد يمشي ويتصور أنه على حق وعلى صواب ولكن في الواقع التسقيط، والكلام إذا المؤمن بعين البصيرة فسيراه نعمة من نعم الله ( ولذا لا يستقبله بردة فعل دائماً، المؤمن إذا رأى فعلاً عنده مشكلة مع الناس فليرجع إلى نفسه (من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس) لا ينازع الناس، فلينازع نفسه أين أفسدت الأمر مع الله +؟ ولذلك الإنسان إذا أصلح الأمر فإن بقية الأمور بيد بارئ القلوب، محرّك القلوب والمسيطر على القلوب هو خالقها، ولذا الإنسان لا ينزعج دائماً، فليتحرك بإخلاص إلى الله ( وهو سيتكفل كل هذه الأمور، كلمة لطيفة للإمام أحب أن أذكرها: “بني إن الميزان في الأعمال هو النوايا التي تستند إليها فلا الإعتزال الصوفي دليل على الارتباط بالخالق ولا الدخول في خضم المجتمع وإقامة الحكومة شاهد على الإنقطاع عن الحق فما أكثر ما يكون العابد والزاهد في شراك ابليس ولذا بعض العباد تجد الأنانية والغرور عندهم” والخ.
الخلاصة النوايا هي المقاصد، وهذا ما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان.
الرابع: حب الله
يقول +: “إن قيمة الأعمال تقوم على هذا العشق والحب للبارئ وهذا هو السبب في صيرورة ضربة علي (ع) يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين”.
إذا كان عندنا حب فقد وُجِدَ الوصال، ووجد الإرتباط المعنوي، طبعاً الأمور العبادية لها موازينها ومقاييسها، أنا متى أصلي؟ أصلي في أول الوقت؟ هذا دليل أن هناك حبّاً، أحياناً في الاجتماعات يؤذّن – خصوصاً أن الشيطان يعرف قبيل دقائق من الصلاة يجلب أفضل الأفكار إلى الذهن، ولذا هي تتحرك وتتفاعل أكثر – فهنا يبرز مقدارالحب والشوق، مفْصل في كثير من مفاصل الحياة، تلاحظ العاشق والمُحب يعرف أنه إذا خرج من بيته سيتأخرعن صلاته ولذا لا يعطي هذا الموعد، بل يؤجله لوقت آخر، هنا بوصلة الارتباط والوصال تحدّد الحب الأصلي من المتصنع، الآن لوجئنا لنحاكم أنفسنا، منذ متى قرأنا القرآن؟ هنا تأتي مفردة أن يسمع الإنسان كلام الله (، كلام الحبيب، ولذا الإنسان إذا أحبَّ إنساناً يحب أن يسمع كلامه، ولذا لما نتكلم عن البعد الروحي البعد المعنوي نقصد أن تلاوة القرآن تزيد من الأنس ومن الحب ومن الوصال، الصلاة تزيد من الحب من العشق من الوصال، ولذا هي وسائل ليست هي البعد المعنوي، البعد الروحي ربما يصل الإنسان إليه وهو يخدم أحد أخوانه، ربما الله ( يقذف في قلبه الحب؛ لأنه في الواقع أبرّ بأمه حتى وأنت غائب _أذكر نفسي وأذكر أخواني_ وأنتم بعيدون عن أمهاتكم وعن آبائكم إذا اتصلتم أسمعوهما الكلمة الحلوة، عبّروا عن حبّكم، عن شوقكم، بهذا تدخلون السرور، لا تدرون مكتسبات هذا السرور، ربما يطوي الإنسان مسافات لا يحصل عليها بصلاة الليل، ويحصل عليها نتيجة البرّ بأمه وبوالده.
أشير إلى مثال محط ابتلاء لنا يقول الإمام +: “يجب أن تبقى الأذواق والآراء المختلفة ولكن هذا لايعني أن يكون الإنسان سيئاً مع الآخرين” صحيح تختلف معي ولكن ما الداعي ألا أسلم عليك؟! صحيح تختلف في وجهة نظري ولكن ما الداعي ألا أحترمك؟! يجب أن يكون الاختلاف موجوداً ويجب أن يكون اختلاف في وجهات النظر والرأي والمباحثة والأخذ والرد موجوداً ولكن لا تكون النتيجة أن ننقسم إلى مجموعتين متعاديتن، هذا موجود في الثورة، ولذا الإمام يوجه في الثورة في الجمهورية الإسلامية وفي كل الثورات وفي ثورتنا، يوجّه بأن نكون مجموعتين نحب بعضنا بعضاً في نفس الوقت الذي يوجد فيه اختلاف بيننا، كلمة أذكر بها نفسي دائماً وكنت أفكر مع نفسي، صاحب الأمر u ماذا يقصد من قوله: لو أن أشياعنا (حفظهم الله) على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا؟!
ماذا يقصد “على إجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم” ؟
هو أن نجتمع على محبتهم، على ولايتهم، أن أرى فيك نورعلي × وأنا أرى فيك نور فاطمة ^ وأرى فيك نور الحسن ×وأرى نور موالاتك، ولذا بعد هذا، ما هي قيمة أي شيء آخر؟! بقية الأمور كلها اجتهادات ووجهات نظر قابلة للصدق وقابلة للكذب وقابلة للصواب وقابلة للخطأ، ولذا المحبة تكون فيهم والجميع لا شك فيه، ولا أحد يشك في أحد ربما يخطّأ قناعتَه ولكن لا يشك في إخلاصه، لا يشك في صدقه، لا يشك في رغبته في العطاء وفي الجهاد، القلوب لا يعلم بها إلا الله ( ولكن حسن ظن المؤمن بالمؤمنين يقتضي هذا المعنى، ولذا تلاحظ الروحاني لا يعادي أحداً ولذا اليوم ترون كيف السيد القائد الإمام الخامنئي (حفظه الله) ترون كيف هذا القلب يستوعب المعادين قبل الأصدقاء، وهذا ما ينبغي أن ننهجه بمحبتنا بلطفنا نستطيع أن نُقرّب الآخرين إلينا، بل حتى نُقرّبهم إلى قناعاتنا، نتصور أننا على حق بالابتعاد والعداوة والبغضاء ولكن الحقيقة أننا لن نصل إلى أي نتيجة.
الخامس : التوكل على الله
التوكل على الله ( أمر في غاية الأهمية هنا كلمة لطيفة اختصر كلام الإمام حيث إنه في أيام الشاه وفترة نزع العمائم مرّت حوادث كثيرة، يقول الإمام +: صادقت شيخاً من المتحررين (لعله يشير أنه من الزاهدين) إلى حدٍ ما من رقّ الأغيار قلبه لله، رأيته يجلس قرب الخباز مشغولاً بأكل قطعة من الخبز الخالي وعند الكلام معه قال: أمروني بنزع عمامتي فنزعتها ووهبتها إلى شخصٍ ليخيط منها قميصاً وها أنا ذا أكلت رغيفي وشبعت وإلى الليل فإن الله كريم، الإمام بعدها يعلق: ولدي إذا أخبرتك أني أفضل الفوز بهذه الحالة على الفوز بكل مقامات الدنيا فصدق.
ولذا مسألة التوكل وصال وارتباط وانقطاع، لا يوجد قلق، ولذا الحالة ليست بسيطة الآن أحدنا يشعر بالإطمئنان إذا كان في رصيده في البنك مليون أو مليونين أو ثلاثة وأربعة، فليتصور واحد منا عنده ألف (تومان) هل هي نفس الحالة؟ فليستشعر نفسه سيكون جوابه: لا (أتكلم عن نفسي) إذا تغلغل توكلي على الله ما كانت الحالة ليفرق عندي، فالله مسبب الأسباب، فلا ينبغي للإنسان أن يثق في سبب غيره، هذا المعنى يحتاج إلى جهاد ولذا أمثال هؤلاء في الواقع ليس لديهم مشاكل في الحياة، هذا البعد المعنوي، هو هذه الروح، المجاهد بهذه الروحيّة تختلف حركة جهاده، وعمله السياسي؛ لأنه يرى الله ( بالقلب، تلاحظ أن الرؤية قد تكون جبانة لأنها تفتقد إلى عنصر التوكل، أعقلها وتوكل، قد يذهب أحدنا إلى حسابات أعقلها بعقله وبغفلته ولذا تلاحظ أن خطواته تختلف، إقدامه يختلف، رؤيته تختلف، وهذا البعد نحن نحتاجه في هذا الجانب.
السادس: العشق وتمني الشهادة
إن الإنسان عنده عشق لقاء الله ( هذه حالة وصال وربما تطوى له مراحل في لحظة من اللحظات، البعض يقول: هذا يكون شهيداً؟! لحظة الشهادة أشبهها بقابس كهربائي يستوعب طاقة (8) فولت تأتيه طاقة (220) فولت فيحترق.
هل سمعتم بقصة همام؟ قال لأمير المؤمنين ×: صف لي المتقين فوصف له أمير المؤمنين ×المتقين فصعق ومات، وصل إلى مرحلة العشق، هذا الجسد لا يتحمل، إن صح التعبير متى ما نزلت صاعقة الحب فإن الجسد يتفتت، هذه الحالة قد تصل في لحظات ربما في دقائق، الإنسان قد يتوب توبة صادقة ولذا أوصي نفسي وأوصي أخواني ليحذروا من الكلام عن أي شابٍ لا أقل ظاهره أنه استشهد في سبيل الله حتى لو كنا نعرف عنه أشياء غير جيدة، ربما يقول البعض أن فلاناً يفعل أشياء غير جيدة، في لحظة من اللحظات لا ندري ربما تاب إلى الله توبة صادقة ونفذ إليه نور من أنوار العشق فتأهل لأن يكون في جوار الله ( هذه حالات من الوصال، حالات من البعد المعنوي ينبغي أن نصل إليها بالجهد والتعب.
الإمام + في كتاب “الأربعون حديثاً” في أول حديث له شرح جميل يمكن للمؤمن أن يراجع النص ويتعلم كيف يجاهد نفسه من خلال التفكير، من خلال العزم، من خلال المشارطة على نفسه، من خلال المراقبة فيمكن للإنسان عبر هذه الأمور أن يحقّق الصلاة في أول وقتها، هذا هو منهج الإمام، راجعوا حياة الإمام، نلحظ الإمام ارتباطه الغريب بالصلاة وإلتزامه بأول الوقت، وهذا من نهج الإمام، نهج الارتباط بكتاب الله بحيث نجد الإمام الخميني في كل يوم يقرأ من القرآن ثماني مرات حتى هذا التنوع الآن ربما يقول البعض أنا أقرأ جزءاً من القرآن في اليوم ولكن جربوا طريقة الإمام + قبل الصلاة وبعد الصلاة، هذا له أثر كبير في تربية النفس، في صناعة النفس، يخلق الأنس، اليوم لم يعد من الصعب الإلتزام بذلك لأن كل هاتف فيه برنامج قرآن، الإمام + حتى لو كان لديه دقيقة أو دقيقتين ينتظر فيها أحداً يفتح القرآن ويقرأ، ولذا الإمام مدرسة في هذا الجانب، كيف وصل إلى هذه المقامات ؟ بالطبع من هذه الأمور يحافظ على صلاته في أول الوقت، يصلي النافلة، يتلو القرآن، وحتى بمثل زيارة عاشوراء، زيارة عاشوراء هي داخلة في الارتباط بالله ( راجعوا أيها الأحبة الآن الآية (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) انظروا تفاسير هذه الآية ستجدون أن الإنسان يقوم بما أمر الله ( ومن ضمن ما أمر الله هو التولي والتبري ومن ضمنه أيضاً الارتباط، إرتباط الإمام الراحل بالزيارة الجامعة بزيارة عاشوراء إرتباط غريب جداً وهذا أحد أبعاد صناعة هذه الشخصية.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وصلى الله على محمد وآل محمد