» 2023 » التأسي بالنبي(ص) والتحديات النظرية
2023 - الملتقی الأسبوعي - الملتقی الأسبوعي - جلسات فردیة

التأسي بالنبي(ص) والتحديات النظرية

8 أكتوبر, 2023 10287

التأسي بالنبي(ص) والتحديات النظرية

بمشاركة:
*سماحة الشيخ د. خالد الغفوري “حفظه الله”

التغطية المصورة:

التغطية الصوتیة:

التغطية المکتوبة:

العناوين

  • محتملات معنى التأسي والأسوة
  • دائرة التأسي
  • العقبات والتحديات

 

استأنف منتدى السيدة المعصومة الثقافي في قم المقدسة برنامجه الأسبوعي بتاريخ 4 أكتوبر 2023 الموافق إلى 18 ربيع الأول 1445 للهجرة النبوية على مهاجرها وآله آلاف التحية والسلام.

هذا وقد استضيف في أول جلساته الباحث الإسلامي سماحة الشيخ الدكتور خالد الغفوري “حفظه الله” متحدثاً عن “التأسي والتحديات النظرية” وفيما يلي تلخيص لما تفضّل به.

قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) [1]

من الواضح أن الآية ركزت على مسألة التأسي والاقتداء بالنبي (ص)، ونقف عند هذه الآية لنطرح إثارات لا تخلو من فائدة إن شاء الله.

المحطة الأولى: محتملات معنى الأسوة

يوجد احتمالان مطروحان:

١. النبي (ص) كان يواسي المؤمنين في الحروب، ويشارك بشكل مباشر فيها كما في معركة أحد وكان القتال شديدا والموقف صعبا، والنبي وقف مدافعا عن الدين والرسالة.

هذا الاحتمال يصطدم مع ذيل الآية (لمن كان يرجو الله واليوم لآخر) فالنبي (ص) مواس للجميع.

٢. النموذج المقتدى به.

وهو الأظهر المناسب مع الآية صدرا وذيلا.

  • ما هو نوع التشريع في الآية الكريمة؟

فقد يقال بأن الآية بصدد الإرشاد والتربية وليست بصدد تناول أمر تشريعي، ولكن نجد عدة من الأعلام فهموا منها التشريع، وقد اختلفوا في الحكم المستفاد منها:

فالبعض ذهب إلى الوجوب، والبعض قال بالاستحباب، والبعض قال بأصل الرجحان والمطلوبية سواء أكان بنحو الوجوب أم الاستحباب.

وأنا أضيف وأقول: إن الآية ليست بصدد تشريع حكم تكليفي كما هي الأقوال المذكورة، بل بصدد بيان حكم وضعي وهو جعل النبي (ص) أسوة ونموذج للمؤمنين يقتدون به نظير جعل الحجية في علم الأصول.

ومعنى ذلك أن المستفاد من الآية نصب النبي (ص) علما يؤخذ منه التشريع ويؤخذ منه كيفية الأداء والتطبيق.

وهذه نقطة يجب التركيز عليها، فهناك تركيز في الحوزة على استنباط الحكم الشرعي، ولم يركز على كيفية تطبيق الحكم الشرعي وكيفية إجرائه، مع أنه أمر مهم جدا وقد أولاه القرآن والسنة أهمية (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).

وعندما نخرج هذا الجانب عن دائرة الفقه فإننا سنبتعد عن الشريعة.

إذًا التشريع يستوعب أصل التشريع وكيفية الإجراء، والذي يعيننا في إثبات ذلك هو الاطلاق في الآية، فإطلاق الأسوة شامل للحكم وشامل للإجراء.

ثم إن الآية لها إطلاق أزماني فليست الأسوة مختصة بالمخاطب بل تشمل جميع من يصله الخطاب، فهي شاملة لنا أيضا.

قوله تعالى وصفا للنبي (سراجا منيرا) الذي يتبادر منه للوهلة الأولى صفاء النبي ونزاهته، ولكن هناك إشارة أعمق من هذا وهو الضياء الممتد على طول الأزمنة ولكل الأجيال.

  • دائرة الاقتداء

فإذا كان الاقتداء بالنبي (ص) بهذه الأهمية فما هي دائرة الاقتداء بالنبي (ص)؟

ببركة الإطلاق في الآية لن ينحصر الاقتداء بالواجب والمستحب، ولن ينحصر الاقتداء بالأفعال، بل سيشمل التروك اللازمة وغيرها.

بل سيشمل الاقتداء في الأخلاقيات وسيشمل الأحاسيس والمشاعر وحتى العقائد.

  • المحطة الثانية: العقبات والتحديات

المحطة الثانية: العقبات التي تواجهنا في طريق الاقتداء بالنبي (ص)

١. عقبة صناعة قدوات أخرى إلى جانب النموذج النبوي: مثلا جعل الصحابة قدوة في مصاف النبي (ص) بحيث أقحمت أقوالهم وأفعالهم ضمن السنة، فقد وجدت في بعض الكتب الحديثية بابا كاملا لا توجد فيه ولا رواية واحدة عن النبي (ص)، فقد جعلت السنة بابا لإدخال سنة الصحابي في عرض سنة رسول الله (ص).

لا أقول إن ما صدر عن الصحابة نضربه عرض الحائط، ولكن أقول أننا نضع كل شيء موضعه الصحيح، ولا نريد الدخول الآن في موقعيّة عمل الصحابي.

٢. عقبة حصر السنة في السلوك النبوي: بينما النصوص تشمل جميع ما يصدر من النبي (ص).

قد يقال هذا واضح وهو المعمول به بالفعل.

ولكن نقول بأن الواقع قد أهملت سنة النبي في عدة جوانب، مثلا كيف كان النبي يثقف الناس؟ ألم تكن لديه خطة في ذلك؟

قوله تعالى (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) تشير الآية إلى أن بعض الناس يقدمون إلى المدينة من المناطق النائية فيتعلمون من النبي (ص) ثم يرجعون لأقوامهم لينذروهم.

وهناك سؤال في نفس السياق: كيف كان النبي (ص) يوصل التثقيف الديني إلى المرأة؟

هذا يحتاج إلى دراسة سنة النبي (ص) بمجموعها ونظرياتها حتى نعرف سلوك وفعل النبي.

حينما كان النبي (ص) محاصرا في مكة حصلت أحداث متنوعة وكان المسلمون آنذاك في مرحلة المعارضة السياسية، لماذا لا ندرس سيرة النبي في هذه المرحلة المكيّة التي كان فيها معارضاً؟ حتى نستطيع بذلك ممارسة دور المعارضة السياسية بالاستناد إلى سيرة النبي.

ولذلك من الأمور التي نفتقدها هي النظرية الكاملة والرؤية للمعارضة السياسية، وكل ما عندنا بعض الأحكام متفرقة هنا وهناك.

مع أن الأحداث التي مرّ بها النبي (ص) كثيرة وثريّة ويمكن من خلالها اكتشاف النظرية النبوية في المعارضة السياسية.

في العلوم الأخرى نجد أن العلوم تطورت وتوسعت، كم عمل الأصوليون حتى نضج علم الأصول لهذا المستوى؟ هكذا نحتاج إلى دراسة فعل المعصوم، لا أن نقتصر على فصل صغير ونقول بأن السنة تشمل قول المعصوم وفعله وتقريره.

مثلا توجد شبهات حول مسألة كيفية تعامل النبي (ص) في مسألة الحجاب، هل كان يكتفي بالبيان أم يستعمل القوة؟

حينما نقع في المشكلة والطرف الآخر يهاجمنا نبدأ بمحاولات الدفاع إن وفقنا للدفاع، فلماذا لا نبدأ باستكشاف النظرية في مرحلة أسبق؟!

وأيضا كم أفدنا من التجربة الأسريّة للنبي (ص)؟ وقد تحدث عنها القرآن في عدّة من المواضع.

لا أريد إثارة المشاعر ولكن هذه أمور واقعية نشعر بالنقص فيها، وتوضح لنا علاقتنا بالنبي (ص) بأي مستوى، فإذا كانت العلاقة قوية إن شاء الله فالنتيجة تطبيق الأسوة بأوسع حدودها، والعكس بالعكس.

٣. عقبة حصر سيرة النبي (ص) بكتب التاريخ والمغازي.

لو بقي علم الأصول مندرجا ضمن علم الفقه لم يكن يصل إلى هذا المستوى من التطور، ولكنه عندما استقل فقد توسع وتطور، هكذا ينبغي السعي في بحث السيرة، ولكن الذي نراه أن السيرة النبوية تحولت إلى تاريخ محض مع ما في التاريخ من ترهات وأكاذيب.

وصار الفقيه لا يدخل في بحث التاريخ، وبقيت البحوث التاريخية شرعة لكل وارد.

٤. عقبة تقطيع التجربة النبوية إلى أوصال

بسبب التقطيع لا نصل إلى واقع السلوك النبوي سيما إذا قطعنا السلوك عن الأجواء التي صدر فيها.

لابد أن ننظر إلى العقبات بصورة جادة لمعالجتها وتنعكس المعالجة بصورة نظريات وقواعد.

مثلا في الفقه كم حكما استفدناه من السيرة النبوية؟

كم أعطينا من مساحة للسيرة النبوية في علم الأصول؟ وهكذا الحال بالنسبة لعلم الأخلاق والتفسير وغيرها.

وإذا بقينا نحصر السيرة في البحث التاريخي، كما يقال بأن أغلب هذه الأحاديث غير معتبرة السند؛ فنتيجة ذلك أننا قطعنا الصلة بيننا وبين النبي (ص) وسنرى النبي (ص) كمجرد صورة في أذهاننا ولا نستطيع تجسيده في أفعالنا.

[1] ) الأحزاب 21

قیم هذا المقال!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • ×