دفاع السيدة الزهراء(ع) عن الإمامة
دفاع السيدة الزهراء(ع) عن الإمامة ..
(شبهات وردود)
🎙بمشاركة:
*سماحة آية الله السيد محمد الحسيني القزويني
التغطية المصورة:
التغطية الصوتیة:
التغطية المکتوبة:
في أجواء شهادة الصديقة الشهيدة أم أبيها سيدتنا ومولاتنا السيدة فاطمة الزهراء “عليها السلام” عقد منتدى السيدة المعصومة الثقافي ملتقاه الأسبوعي بتاريخ ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٣ باستضافة سماحة آية الله السيد محمد الحسيني القزويني (سلمه الله) متحدثا ومستعرضا بعض الشبهات التي تثار ضد السيدة الزهراء عليها السلام وهنا عرض لمجمل ما تفضل به.
الشبهات التي دارت حول موضوع السيدة الزهراء كثيرة من قبل الوهابية ومن أهل السنة، وربما تزيد على المائة من خارج إيران وداخل إيران، فمن داخل إيران مثل أبي الفضل البرقعي الناصبي ومثل بعض الأشخاص الذين يتصدون للتدريس والمحاضرات هنا وهناك وهم يدخلون الشبهات بشأن ظلم السيدة الزهراء وشهادتها وأنها لم تثبت في التاريخ.
وفي هذه السنة بأمر من الشيخ الدكتور عباسي قد ألقيت خمس محاضرات في جامعة المصطفى في هذا الموضوع مناقشا لهذه الشبهات وعلى أمل جمعها وطبعها.
قضية فاطمة الزهراء “ع” هي معيار حقانيّة الشيعة، لابد أن نركز على دفاع السيدة الزهراء عن الإمامة، ومظلويتها هي الشاهد على بطلان ما ادعوه من خلافة رسول الله “ص”، وإن مفاد حديث إن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها ثابت في صحاح أهل السنة بروايات عديدة وصريحة، وهناك كلمات كثيرة:
أبدأ بكلام لابن تيمية في نفي هذا الأمر الواضح، قال في منهاج السنة ج٤ ص٢٤٨: {ورووا جميعا أن النبي ص قال إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك، فهذا كذب منه، ما رووا عن النبي ولا يعرف في شيء من كتب الحديث المعروفة، ولا له إسناد معروف عن النبي لا صحيح ولا حسن}.
هذا هو ادعاء ابن تيمية في شأن هذا الحديث، وهو ما يتداول في القنوات الفضائية مثل وصال وقناة التوحيد وغيرهما حيث يبثون محاضرات في كل سنة في هذا (موسم الفاطمية) حول التشكيك في شهادة السيدة الزهراء ويقولون بأنها وهم وخيال.
- ظلامة السيدة الزهراء “ع” وردت في البخاري ومسلم:
- مثلا في صحيح البخاري ج٤ ص٤٢ ح٣٠٩٣ : {فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت أبا بكر، ولم تزل مهاجرته حتى توفيت}.
- في صحيح مسلم أيضا ج٢ ص٤٤١ ح١٧٥٩ قال: {لما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ولم يعلم بها أبا بكر، وصلى عليها علي}.
- وفي مستدرك الحاكم ج٣ ص١٠٥٣: {إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك}.
مضافا إلى أن عدة من كبار علماء السنة صرحوا بصحة حديث إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك،
– مثلا المعجم الكبير للطبراني ج١ ص١٠٨ ح١٨٢ صرح المحقق في الهامش إن الحديث صحيح الإسناد.
– ابن حجر في اتحاف المهرة ج١١ ص٣-٥ يقول صحيح الإسناد.
– الهيثمي في مجمع الزوائد ج٩ ص٢٠٣ يقول إسناده حسن.
– السيوطي قال أخرج الطبراني بسند حسن.
– الصالحي الشامي في سبل الرشاد ج١١ ص٤٥ قال روى الطبراني بإسناد حسن.
– الصبان الشافعي في المصطفى ص٦٧ يقول إسناده حسن.
وغيرهم هؤلاء، وجميعهم يصرحون بصحة الرواية.
فلا ندري كيف قال ابن تيمية بأنهم لم يرووا هذه الرواية، وهي كذب على رسول الله!!
ابن تيمية بهذا الكلام يخاف من أن هذا الحديث الصحيح يفتت عقائد أهل السنة، وذلك بملاحظة بقوله تعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) وبعد ذلك فمن يلتفت من أهل السنة إلى حديث من أغضب فاطمة فقد أغضبني، من آذى فاطمة فقد آذاني، وأن فاطمة ماتت غضبانة على أبي بكر، فإن هذا يهدم جميع مباني معتقدات أهل السنة.
ابن تيمية ملتفت أيضا إلى أن مظلومية فاطمة تهدم عقائد الوهابية، (يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) والتولي إما بالمحبة أو التولية على الناس، فكيف يولي الناس من أغضب فاطمة!!
البيهقي في دلائل النبوة يقول: {لما مرضت فاطمة أتاها أبو بكر الصديق فاستأذن عليها فقال علي: يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك فقالت: أتحب أن آذن، قال: نعم، فدخل عليها}.
هذه الرواية ضعيفة على منهج رجال أهل السنة ففيها عامر الشعبي.
- وقال البلاذري في أنساب الأشراف ج٤ ص٣١٥: عن الشعبي: ذهبنا إلى الحجاج فنال منه ونلنا. فيصرح بأنه سب عليا.!
- وفي المستدرك ج٣ ص١٣٠ روى: من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله.
- الشعبي يقول: نحلف بالله لقد دخل علي حفرته وما حفظ القرآن.
وعلق عليه أحمد بن فارس: {هذا كلام شنيع من الشعبي في حق من يقول سلوني، فما من آية إلا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم جبل}.
- في تفسير الصنعاني ج٣ ص٢٤١ يقول: {فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل}.
- وفي مسائل لخصها محمد بن عبد الوهاب ج١ ص١٧٠ عبارة عجيبة منقولة عن الشعبي: لم يشهد الجمل مع علي من الصحابة إلا أربعة، ومن جاء بخامس فأنا كاذب.
وهذا اعتراف على نفسه، وقد نقل الذهبي في تاريخ الإسلام ج٣ ص٤٨٤: شهد مع علي يوم الجمل مائة وثلاثون بدريا، وسبعمائة من أصحاب النبي، وقتل بينهما ثلاثون ألفا.
فهذه العبارة من الشعبي تدل على كذبه ونفاقه كما ورد في صحيح مسلم ح١٣١: لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
إذًا هذه الرواية المنقولة عن الشعبي غير معتبرة.
شبهة ثانية
شبهة أخرى مطروحة في الفضائيات كثيرا، وهي عبارة يتداولونها، وأنا طيلة ثلاثين سنة ببركة الله وعناية بقية الله الأعظم كنت حاضرا في قناة المستقلة، وكان بيني وبينهم حوارات مثل الدكتور أبو الشوارب وهو أستاذ بجامعة الإسكندرية بمصر، وكذا محمد حسين الحسيني من وجوه وهابية البحرين، والدكتور هاشمي، وكان موضوع الحوار شهادة فاطمة
عليها السلام، وقد قال لي المرجع الشيخ المكارم بأن عليك تكليف شرعي بأن تحضر في قناة المستقلة وتجيب عن شبهاتهم.
وقد استمر الحوار ثلاث ليال.
وبعد الليالي الثلاث قال أبو الشوارب: السيد القزويني قد أجاب عن كل ما طرحناه من الشبهات، وكل رواية طرحناها ناقش رجالها، وعدة من علماء الشيعة يحضرون في قناة المستقلة ويصدر منهم تهجم ولكن السيد القزويني لم يوجه أي إهانة إلى أهل السنة ومقدساتهم.
فقلت أن كل هذا من فضل ربي.
وبعد ذلك اتصل بي الدكتور هاشمي مدير القناة وعرض عليّ أن أذهب إلى لندن وأحاضر في القناة لمدة ثلاثين أو أربعين ليلة حول حقانية الشيعة أو في بطلان عقائد ابن تيمية.
وجميع هذه المراسلات موجودة عندي، ولكن شاورت بعض الأعاظم فقالوا بأن هذا ليس فيه صلاح، فلم أذهب.
ولكننا قمنا بطباعة ما دار في الجلسات، وهو موجود على الموقع الإلكتروني لمؤسستنا مؤسسة ولي عصر للدراسات الإسلامية.
ثم بعد شهرين لاحظنا أن هؤلاء يطرحون نفس الشبهات التي أجبنا عنها من قبل ما يثير عدة استفهامات من الهدف من ورائها.
كذبة خطبة الأمير “عليه السلام” لبنت أبي جهل
من الشبهات المطروحة أيضا قضية خطبة الإمام علي ع لجويرية بنت أبي جهل:
قال ابن تيمية في منهاج السنة ج٤ ص٢٥١ بأنهم رووا جميعا أن فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، فإن هذا الحديث لم يرو بهذا اللفظ، ولكن روي في سياق خطبة علي لبنت أبي جهل، وذلك لما قام النبي “ص” خطيبا ثم قال: {إن بني هشام استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد علي بن أبي طالب يطلق ابنتي وينكح ابنتهم}.
هذا ما جاء في البخاري ح٥٢٣٠، وفي ح٣١١٠ قال: قال رسول الله: {لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد}.
- وهنا عدة وقفات مع هذه الحادثة:
أولا: حديث فاطمة بضعة مني، جاء في البخاري ح٣٧١٤ عن المسور ابن مخرمة، ولم يشر فيه أصلا إلى قضية خطبة بنت أبي جهل.
وفي ح٣٠٩٣ فغضبت فاطمة فهجرت أبا بكر ..الخ، لم يشر الحديث إلى ذلك.
ثانيا: كل هذه الأحاديث نقلت عن رجل واحد وهو المسور ابن مخرمة، وهو مولود في السنة الثانية للهجرة.
والأستاذ توفيق في كتابه فاطمة يقول بأن حادثة خطبة ابنة أبي جهل كانت قبل ولادة الحسن ع في السنة الثالثة أو الثانية.
فابن مخرمة عمره حين الواقعة على أكثر التقادير سنة واحدة، كيف نقل الحادثة!!
الذهبي في سير أعلام النبلاء ج٣ ص٣٩٠: المسور ابن مخرمة كانت الخوارج تغشاه.
أي كان له ميل إلى الخوارج.
وفي صحيح مسلم ح٣٤١: {كان رسول الله ص مشغولا ببناء المسجد، فيقول ابن مخرمة: أقبلت بحجر أحمله ثقيل وعلي إزار خفيف فانحل إزاري، فقال رسول الله ص ارجع إلى ثوبك، فخذه ولا تمشوا عراة}.
فهذا الرجل الذي يمشي عاريا ولا يستحي أمام النبي والصحابة هو الذي روى قضية خطبة بنت أبي جهل.
والعجب من البخاري وغيره كيف نقلوا رواية الخطبة عنه!!
ثالثا: العبارة المنقولة في الحديث مخالفة لقوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء)، فهي شاملة لعلي بن أبي طالب ع.
وقد ورد عن الشافعي في كتاب الأم ج٣ ص٣٣٠: {فصعد النبي المنبر وقال: إن الحديث سيفشو عني فما أتاكم عني ما يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عني}.
رابعا: جويرية بنت أبي جهل كانت كافرة إلى سنة الفتح أي السنة الثامنة للهجرة، ولم ينقل أحد أنها ذهبت إلى المدينة، ولكنهم نقلوا أنها بعد فتح مكة تزوجها حاكم مكة عتاب بن أسيّد من قبل رسول الله.
فحتى القرائن التاريخية تكذب هذه الخطبة، فإن هذه المرأة لم تسافر إلى المدينة، وكانت كافرة وبعد إسلامها تزوجت من رجل آخر.
خامسا: نقلوا عن عثمان التعريض عليه حينما جمع بين رقية أو أم كلثوم بنت رسول الله ورملة بنت شيبة، فقال ابن عبدالبر: رملة بنت شيبة كانت من المهاجرات، هاجرت مع زوجها عثمان بن عثمان.
ونقل ابن حجر في الإصابة بأن رملة قتل أبوها يوم بدر كافرا.
فكيف جمع عثمان بين بنت رسول الله وبنت عدو الله؟!!
وفي الاستيعاب رقم٢٧٠٤ تعريض بعثمان حيث جمع بين فاطمة بنت الوليد الذي أسلم يوم الفتح، وبنت رسول الله.
سادسا: ابن الأثير في الكامل ج٢ ص٢٥٤: لما أمر رسول الله بلالا أن يؤذن على ظهر الكعبة فلما وصل إلى قوله أشهد أن محمد رسول الله قالت جويرية بنت أبي جهل: لقد أكرم الله أبي حين لم يشهد نهيق بلال على ظهر الكعبة، ولقد رفع الله ذكر محمد ولكن لا نحب من قتل الأحبة.
فهل علي بن أبي طالب يريد أن ينكح مثل هذه المرأة!!
وبعد ذلك نقلوا بأن هذه الحادثة مروية عن طرق أهل البيت عليهم السلام، ففي علل الشرائع للصدوق: {أتى رجل أبا عبدالله قال يرحمك الله هل تُشيع الجنازة بنار ويُمشى معها بمجمرة، وكأن السائل عرّض بفاطمة ع، فتغير لون أبي عبدالله ع فقال: إنه جاء شقي من الأشقاء إلى فاطمة فقال لها: أما علمت أن عليا قد خطب بنت أبي جهل؟ فقالت: حقا ما تقول؟ فقال: حقا ما أقول، ثلاث مرات فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها، إلى أن قال: فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة، إلى أن قال رسول الله ص لعلي: أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها، فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، إلى آخر الرواية}.
وتراهم ينقلون في الفضائيات أن هذه القضية نقلت في كتب الشيعة مثل علل الشرائع.
أولا: الرواية ضعيفة عند الشيعة ففيها مجاهيل مثل علي بن أحمد بن محمد وهو مجهول كما في معجم رجال الحديث ج١٢ رقم٧٩١٤.
ثانيا: هي مرفوعة، والمرفوع عند الشيعة هو ما حذف منه عدة رواة ورفع السند إلى الراوي المباشر، وأما عند السنة فهو المنسوب للنبي ص كحديث أبي سعيد المرفوع عن النبي ص.
فهي مرفوعة عندنا حيث إن علي بن أحمد رواها عن الإمام الصادق ع بواسطتين مع أنه يروي عنه في سائر الروايات بخمس وسائط.
ثالثا: معارضة بما في أمالي الصدوق بسند صحيح: استنكار لما نسبوه إلى علي “ع” من خطبة بنت أبي جهل، وقال ع في نفس الرواية {بأن الأنبياء لم يسلموا من الطعن عليهم، ألم ينسبوا إلى يوسف ع أنه هم بالزنا!! ألم ينسبوا إلى أيوب أنه ابتلي بذنوبه!! إلى آخر الرواية}.